امر الله رسوله محمد صلي الله علية وسلم بسفر المسلمين الي الحبشة لان بها ملك
عادل لا يظلم احد بسبب كثرة ايذاء المشركين لهم .
النجاشي حاكم الحبشة وملكها، واسمه أصحمة – رضي الله عنه – وللنجاشي قصة غريبه
، ففي إحدى الليالي قام بعض المتآمرين بقتل والده ملك الحبشة ، واستولوا على عرشه،
وجعلوا على الحبشة ملكًا آخر، لكنهم لم يهنأوا بفعلتهم، فقد ظل ابن الملك الميت
يؤرقهم، فخافوا أن ينتقم منهم عندما يكبر، فقرروا أن يبيعوه في سوق العبيد،
وبالفعل نفذوا مؤامرتهم، وباعوا ذلك الغلام لأحد تجار الرقيق.
وفي إحدى الاوقات خرج الملك الغاصب فأصابته صاعقة من السماء فوقع قتيلاً،
فسادت الفوضى في بلاد الحبشة وبحثوا عمن يحكمها، وأخيرًا هداهم تفكيرهم إ
لى أن يرجعوا ابن الملك الذي باعوه في سوق الرقيق لأنه أحق الناس بالملك
، وبعد بحث طويل وجدوه عند أحد التجار، فقالوا له: رد إلينا غلامنا ونعطيك مالك.
فرده إليهم.
فقاموا على الفور بإعادته وأجلسوه على العرش، وألبسوه تاج الملك، لكنهم أخلفوا عهدهم
مع التاجر ولم يعطوه ماله، فقال التاجر إذن أدخل إلى الملك، وبالفعل دخل إليه
وأخبره بما كان، فقال لهم الملك الجديد: إما أن تعطوا التاجر حقه
، وإما أن أرجع إليه، فسارعوا بأداء المال للتاجر. [ابن هشام].
وبعد سنوات من حكمه، انتشر عدله، وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان
، وسمع بذلك المسلمون في مكة، فهاجروا إليه فرارًا بدينهم من أذى الكافرين واضطهادهم
، لكن الكفار لم يتركوهم يهنئون في دار العدل والأمان، فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن
العاص،
وهو داهية العرب، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا العظيمة حتى يسلمهما المسلمين الذين
جاءوا يحتمون به، ودخل عمرو، وعبد الله، وقدَّما الهدايا إلى النجاشي
، وطلبا منه أن يسلمهما المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.
فبعث إلى المسلمين رسولا يطلب منهم الحضور، لمقابلة النجاشي، فوقفوا أمامه،
وكان جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه – ابن عم الرسول صلى الله
عليه وسلم أميرهم
والمتكلم عنهم، فسأله النجاشي : ما الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في دينى،
ولا في دين أحد من الأمم؟ فرد عليه جعفر قائلاً: أيها الملك إنا كنا قومًا
أهل جاهلية نعبد الأصنام،
ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ويأكل القوي منا الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا
رسولاً
منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى الله نعبده ونوحده، ونقيم الصلاة، وأمرنا بصدق الحديث
، وأداء الأمانة، وحسن الجوار (وعدد أمور الإسلام) فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه
، فيجب علينا قومنا، وعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأصنام،
فلما قهرونا خرجنا إليك، واخترناك على من سواك، ورجونا ألا نظلم عندك.
فقال له النجاشي: هل معك شيء مما جاء به رسولكم عن الله قال: نعم. قال:
فااحفظ عليَّ.
فقرأ جعفر – رضي الله عنه- من أول سورة مريم ، فبكى النجاشي عندما سمع
القرآن حتى
بلَّ لحيته، وبكى الحاضرون من الأساقفة النصارى (رجال الدين المسيحيين)،
ثم تحدث النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة .
[أحمد وابن هشام].
ثم اتجه النجاشي إلى عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فقال لهما :
انطلقا،
فوالله لا أسلمهم إليكما أبدًا ولا أكاد، ثم رد عليهما الهدايا. وعاش المؤمنون في أمان
على أرض الحبشة وحفظ لهم النجاشي حقهم . وأسلم النجاشي وشهد أنه لا إله إلا
الله وأن محمدًا رسول الله.
قصص النجاشي
